الصناعة الصيدلانية الجزائرية تعانق بعدها الإفريقي في الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية
شهد قصر المعارض بالصنوبر البحري، يوم الأحد 7 سبتمبر 2025، محطة بارزة من فعاليات الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية (IATF)، الذي تتواصل أشغاله من 4 إلى 10 سبتمبر الجاري. وكان لقطاع الصناعة الصيدلانية حضور وازن، جسّدته مشاركة 22 مؤسسة جزائرية متخصصة في إنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية محلية الصنع، وهو ما يعكس الحركية التي يعرفها هذا القطاع في السنوات الأخيرة.
وقد أشرف وزير الصناعة الصيدلانية، الدكتور وسيم قويدري، على زيارة ميدانية للأجنحة المخصصة للقطاع، حيث استمع إلى شروحات مسؤولي الشركات العارضة واطلع على سلسلة من الابتكارات التي تبرز القدرات الوطنية في مجال التصنيع الدوائي. وأكد الوزير، خلال تصريحاته على هامش الجولة، أنّ الجزائر استطاعت أن تبني قاعدة صناعية دوائية تحترم المعايير الدولية، ما يفتح أمامها آفاقاً رحبة لتصدير منتجاتها نحو أسواق القارة الإفريقية.
هذا الحضور النوعي لم يكن مجرد عرض للقدرات الإنتاجية، بل رسالة سياسية واقتصادية في آن واحد، مفادها أن الجزائر تراهن على الصناعة الصيدلانية باعتبارها أحد الأعمدة الإستراتيجية لتحقيق السيادة الصحية، ليس فقط وطنياً، بل قارياً أيضاً. فالمؤسسات العارضة لم تكتف بعرض منتجاتها، بل أبرزت التزامها بالجودة، واعتمادها على تكنولوجيات متطورة وأساليب إنتاج متوافقة مع المقاييس العالمية، وهو ما يمنحها قدرة تنافسية عالية في سوق دوائية إفريقية واعدة.
وفي هذا السياق، شدّد الوزير قويدري على أنّ القارة الإفريقية، بما تملكه من طاقات بشرية وموارد علمية ومؤسسات ناشئة، قادرة على بناء صناعة صيدلانية إفريقية خالصة، تحقق الاكتفاء الذاتي لشعوبها وتُحصّنها من التبعية للخارج. وأضاف أنّ تطوير شراكات جنوب-جنوب، وتكثيف المبادلات البينية، يمثّل خطوة أساسية لتكريس السيادة الصحية وتعزيز موقع إفريقيا على خريطة الصناعة الدوائية العالمية.
إنّ التحدي المطروح اليوم أمام الصناعة الصيدلانية في الجزائر يتجاوز مجرد تلبية حاجيات السوق المحلية، ليمتد إلى لعب دور إقليمي مركزي في إرساء منظومة دوائية إفريقية قادرة على المنافسة. ومن هذا المنطلق، جاءت مشاركة الجزائر في IATF 2025 لتؤكد إرادة سياسية واضحة في جعل الدواء أداة للتنمية، وجسراً للتقارب الاقتصادي بين الدول الإفريقية، ورمزاً لسيادة صحية مشتركة.
بهذا الحضور المتميّز، رسمت الصناعة الصيدلانية الجزائرية ملامح مرحلة جديدة من انفتاحها على إفريقيا، واضعة نفسها في قلب معركة التحرر الصحي للقارة، ومعلنة أن السيادة لا تتحقق بالشعارات، بل بقدرة الشعوب على إنتاج دوائها، وحماية حقها في الصحة والكرامة.
مريم عزون