السكري في الجزائر… حين يتحول “داء العصر” إلى تحدٍ وطني
في وقت تتزايد فيه معدلات الإصابة بداء السكري بوتيرة مقلقة، أحيت الجزائر أمس الأربعاء 12 نوفمبر 2025 اليوم العالمي لمكافحة السكري تحت شعار «مرض السكري والرفاه»، في احتفالية أشرف عليها الأمين العام لوزارة الصحة، السيد محمد طالحي، نيابة عن الوزير البروفيسور محمد صديق آيت مسعودان، وبحضور ممثلين عن المنظمة العالمية للصحة واليونيسيف، وعدد من الخبراء والمهنيين في المجال الصحي.
في كلمته بالمناسبة، أكد وزير الصحة أن هذا اليوم لا يمثل مجرد مناسبة رمزية، بل محطة لتقييم واقع المرض الذي وصفه بأنه مزمن ومعيق ويشكّل عبئًا متزايدًا على العائلات والمنظومات الصحية. وأشار إلى أن داء السكري يمسّ اليوم نحو 589 مليون شخص عبر العالم، أي ما يعادل 11.1 بالمئة من سكان الكوكب، مع توقعات ببلوغ 853 مليون مصاب في أفق سنة 2050. أما في الجزائر، فقد بلغ معدل الانتشار حوالي 14.4 بالمئة لدى البالغين و32 بالمئة لدى من تجاوزوا السبعين عامًا، أي ما يقارب 3.8 مليون مصاب، وهو رقم يعكس تحديًا وطنياً يستدعي تعبئة شاملة.
وشدّد الوزير على أن مواجهة السكري لا تتحقق بالأدوية فقط، بل تبدأ من نمط الحياة، داعياً إلى ترسيخ ثقافة الوقاية والغذاء الصحي والنشاط البدني المنتظم. كما نوّه بجهود مهنيي الصحة الذين يسهرون على التوعية والتكفل بالمرضى عبر مختلف ولايات الوطن، وبمساهمة الشركاء الدوليين في دعم البرامج الوطنية للتثقيف الصحي.
وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الصحة عن إطلاق النسخة المحينة من الدليل الوطني للممارسات الجيدة في أمراض السكري، وهي وثيقة مرجعية تتيح للمرضى والأطباء أدوات علمية حديثة للتعامل مع المرض والوقاية من مضاعفاته. كما تم إطلاق عيادتين متنقلتين تحت شعاري «طريق الوقاية» و*«تغيير مرض السكري»*، ستجوبان عدداً من ولايات الوطن بين 15 و19 نوفمبر الجاري بهدف الكشف المبكر والتوعية والتكوين الميداني للأطباء العامين.
وفي ختام الفعالية، دعا الوزير إلى تجاوز حدود التوعية النظرية نحو الفعل الميداني، معتبراً أن الوقاية مسؤولية جماعية تتقاسمها الدولة والمجتمع والأفراد. فداء السكري، كما قال، ليس قدراً محتوماً، بل نتيجة لأنماط حياة يمكن تغييرها بالإرادة والمعرفة والانضباط الصحي. والرهان اليوم هو الانتقال من الاحتفال باليوم العالمي للسكري إلى صناعة وعي وطني دائم يجعل الوقاية سلوكًا يوميًا لا مناسبة عابرة.
مريم عزون