دراسة حديثة تكشف تأثير التركيز على السعادة على الرفاه العام

كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Psychological Science عن العلاقة بين تقدير الأفراد للسعادة ومستوى رفاههم العام. وأظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين يولون أهمية كبيرة للسعادة يشعرون عمومًا بقدر أكبر من الرضا عن حياتهم ويختبرون مشاعر إيجابية أكثر. ومع ذلك، فإن زيادة التركيز على السعادة بمرور الوقت لم تؤدِ إلى تحسينات إضافية في مستوى الرضا عن الحياة.

لقد أصبحت السعادة هدفًا رئيسيًا في حياة العديد من الناس، وشهد الاهتمام العام بهذا الموضوع تزايدًا خلال العقود الأخيرة. ومع اتساع البحث عن السعادة، سعى الباحثون إلى معرفة ما إذا كانت هذه المساعي تؤدي حقًا إلى تحسين الرفاه. والافتراض الشائع هو أن الأشخاص الذين يركزون على السعادة سيختبرون بطبيعة الحال سعادة أكبر في حياتهم.

ولكن، تشير دراسات سابقة إلى أن الإفراط في التركيز على السعادة قد يؤدي إلى نتائج عكسية. فبعض الأبحاث أوضحت أن التركيز المفرط على السعادة قد يتسبب في خيبة أمل عندما لا يتمكن الأفراد من تحقيق الحالة العاطفية المرغوبة، مما قد يؤدي في النهاية إلى تقليل الرفاه العام.

اعتمدت الدراسات السابقة حول العلاقة بين تقدير السعادة والرفاه على عينات صغيرة أو استطلاعات ظرفية، مما جعل من الصعب التوصل إلى استنتاجات قاطعة. لذلك، سعت الباحثة “كوان-جو هوانغ” في دراستها الجديدة إلى معالجة هذه القيود من خلال استخدام بيانات مأخوذة من عينة كبيرة من السكان على مدى عدة سنوات.

في هذا السياق، قالت هوانغ، التي تعمل باحثة دكتوراه في علم النفس الاجتماعي والثقافي بجامعة كيوتو: «لقد شهدنا نموًا كبيرًا في النقاش العام حول السعادة والرفاه. ونظرًا لأن البيانات السابقة كانت متضاربة، من المهم توفير أدلة سببية حول هذا التأثير».

لتحليل تأثير تقدير السعادة على الرفاه عبر الزمن، اعتمدت الدراسة على بيانات من دراسة استقصائية طويلة المدى شملت 8,331 بالغًا في هولندا بين عامي 2019 و2023. شملت الدراسة استبيانات حول مدى تقدير المشاركين للسعادة بالإضافة إلى مؤشرات متعددة للرفاه، مثل الرضا عن الحياة والمشاعر الإيجابية والسلبية.

طُلب من المشاركين تقييم أهمية السعادة كـ”مبدأ توجيهي” في حياتهم. كما أجابوا على استبيانات معيارية تقيس رضاهم عن الحياة وتجارِبهم العاطفية. وتضمنت الأسئلة مثل: “أنا راضٍ عن حياتي”، وتم تقييم المشاعر الإيجابية والسلبية من خلال استبيانات تقيس تكرار مشاعر مثل الفخر والإثارة، أو القلق والاضطراب.

وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين يولون اهتمامًا أكبر بالسعادة يميلون إلى تحقيق رفاه عام أعلى، حيث سجلوا مستويات أعلى من الرضا عن الحياة وتكرارًا أكبر للمشاعر الإيجابية. ومع ذلك، لم يؤدِ التركيز المتزايد على السعادة مع مرور الوقت إلى زيادة في مستوى الرضا عن الحياة بعد عام من الدراسة.

أشارت الدراسة أيضًا إلى أن التركيز على السعادة يمكن أن يزيد من المشاعر السلبية، مثل القلق والاضطراب، مما يعكس تعقيد السعي وراء السعادة.

تضيف هوانغ: «ما أستنتجه هو أن التفكير المستمر في السعادة قد لا يكون مفيدًا. السعادة يجب أن تكون الهدف النهائي، وليس الوسيلة. إذا كنت ترغب في حياة أكثر سعادة، ركز على الأنشطة الإيجابية مثل قضاء الوقت مع أحبائك أو ممارسة الرياضة أو التفاعل مع الطبيعة».

أخيرًا، نوهت الدراسة بضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لفهم كيفية تأثير الأساليب المختلفة للسعي وراء السعادة على الرفاه، خاصة في سياقات ثقافية متنوعة.

فاطمة الزهراء عاشور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد