البروتين بين الحاجة والموضة: ما الكمية المثالية لصحة أفضل؟

أصبح البروتين في السنوات الأخيرة محورًا للحديث في عالم التغذية والرياضة، مع تزايد انتشار المكملات الغذائية والمشروبات الغنية بالبروتين، حتى صار السؤال الشائع: كم يحتاج الجسم فعلًا من البروتين يوميًا؟ خلف هذه الضجّة التجارية، هناك حقائق علمية تؤكد أن الأمر أعقد من مجرد رقم واحد ينطبق على الجميع.

البروتين عنصر أساسي للحياة؛ فهو يساهم في بناء العضلات، ترميم الخلايا، دعم جهاز المناعة، والحفاظ على حيوية الجلد والشعر. ومع التقدم في العمر، يكتسب البروتين أهمية مضاعفة لأنه يساعد على مواجهة فقدان الكتلة العضلية الذي يصيب كبار السن. لكن تحديد الكمية المثالية لا يمكن أن يكون ثابتًا، إذ يتغير حسب العمر، مستوى النشاط البدني، الهدف الصحي مثل خسارة الوزن أو زيادة الكتلة العضلية، وحتى الحالة الطبية مثل الحمل أو الأمراض المزمنة.

بحسب توصيات خبراء التغذية، يحتاج البالغ السليم ما بين 0.8 و1.6 غرام من البروتين لكل كيلوجرام من الوزن، أي ما يعادل 10 إلى 35 في المئة من السعرات الحرارية اليومية. أما كبار السن فيُستحسن أن يرفعوا النسبة لتصل إلى 1.2 – 1.6 غرام/كغ من أجل الحد من فقدان العضلات، بينما قد تتراوح حاجة الرياضيين أو ممارسي التمارين المكثفة بين 1.4 و2 غرام/كغ موزعة على وجبات اليوم. وفي حالات خاصة مثل محاولات خسارة الوزن مع الحفاظ على الكتلة العضلية، قد ترتفع النسبة حتى 2.3 غرام/كغ.

لكن مثلما أن نقص البروتين يضرّ بالصحة، فإن الإفراط فيه لا يخلو من مخاطر. فقد يؤدي إلى إهمال عناصر غذائية أخرى أساسية مثل الكربوهيدرات والألياف، كما قد يسبب مشاكل هضمية وانتفاخًا عند غياب الخضروات والفواكه من النظام الغذائي، ويشكل عبئًا إضافيًا على الكلى خاصة عند مرضى القصور الكلوي.

ولتحقيق التوازن، يمكن الحصول على البروتين من مصادر متنوعة وموزعة على مدار اليوم: بيضة أو كوب زبادي في الصباح، قطعة دجاج أو سمك بحجم راحة اليد في الوجبة الرئيسية، وعدس أو حمص أو توفو كخيار نباتي. الجمع بين المصادر الحيوانية والنباتية يضمن توازنًا أفضل، ويُجنب الجسم آثار الإفراط أو النقص.

الخلاصة أن البروتين ليس مجرد موضة غذائية، بل عنصر جوهري للحفاظ على الصحة في جميع مراحل العمر. لكن الكمية المثالية تختلف من شخص إلى آخر، والاعتدال يبقى القاعدة الذهبية. وبين النصائح المتضاربة التي تملأ الفضاء الرقمي، تظل استشارة مختص تغذية الطريق الأضمن لتحديد ما يناسب كل جسم بعيدًا عن صخب الدعاية التجارية.

فاطمة الزهراء عاشور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد