الرياضة كعلاج فعال لمواجهة أمراض الخرف
تشهد العديد من الدول الصناعية ارتفاعًا متسارعًا في أعداد حالات الأمراض التنكسية العصبية، وعلى رأسها الخرف، مع توقعات بتفاقم هذه الظاهرة خلال السنوات المقبلة. أمام هذا التحدي، يسعى الباحثون بشكل مكثف إلى اكتشاف علاجات وأساليب فعّالة لتحسين جودة حياة المرضى وزيادة متوسط أعمارهم. دراسة حديثة نُشرت في المجلة البريطانية للطب الرياضي كشفت عن تأثير إيجابي مذهل للنشاط البدني على حياة مرضى الخرف، سواء من حيث تقليل معدلات الوفاة أو تحسين الحالة العامة للمرضى.
أُجريت الدراسة في كوريا الجنوبية وشملت تحليل بيانات أكثر من 60 ألف شخص تم تشخيصهم بالخرف بين عامي 2010 و2016. اعتمدت الدراسة على فحوصات صحية للمرضى قبل وبعد التشخيص، وأظهرت النتائج أن ممارسة الرياضة، حتى لو كانت خفيفة، تساهم بشكل كبير في تقليل مخاطر الوفاة. فالحفاظ على نمط رياضي منتظم يتضمن ثلاث إلى خمس جلسات أسبوعيًا أدى إلى خفض خطر الوفاة بنسبة 29%. أما التمارين منخفضة الشدة فقد حققت انخفاضًا بنسبة 30%، وحتى المرضى الذين بدأوا ممارسة الرياضة بعد تشخيصهم بالخرف شهدوا انخفاضًا في المخاطر بنسبة 20%.
تكمن أهمية هذه النتائج في تسليط الضوء على دور الرياضة كأداة علاجية فعالة يمكن للجميع الوصول إليها، بغض النظر عن الحالة الصحية أو مستوى اللياقة البدنية. الأنشطة البدنية، مهما كانت بسيطة، تساعد في تحسين جودة الحياة ومنح المرضى فرصًا أفضل للتكيف مع التحديات الصحية التي يفرضها الخرف.
الدراسة تقدم رسالة أمل واضحة: الرياضة ليست مجرد وسيلة للحفاظ على اللياقة، بل يمكن أن تكون حلاً فعّالًا للتخفيف من آثار الخرف وتحسين حياة المرضى. تبدأ الفوائد حتى مع أبسط أشكال النشاط البدني، مما يجعلها خيارًا متاحًا لكل مريض، ويؤكد أن الأمل في حياة أفضل لا يزال ممكنًا.
فاطمة الزهراء عاشور