حليب الأم: مفتاح لحماية وتعزيز الجهاز المناعي للأطفال حديثي الولادة
كشفت دراستان حديثتان نُشرتا في مجلة “إيميونولوجيكال ريفيوز” وأعدّهما البروفيسور فيرهاسيلت، المتخصص في علم المناعة لدى حديثي الولادة، عن الدور الفريد الذي يلعبه حليب الأم في دعم الجهاز المناعي للرضع. وتشير النتائج إلى أن هذا الحليب يوفر حماية مخصصة ومتجددة باستمرار، تتكيف مع احتياجات الرضيع وتحميه من العوامل البيئية الضارة.
البروفيسور فيرهاسيلت، مدير مركز علم المناعة والرضاعة الطبيعية في مؤسسة لارسن روزنكوست بجامعة أستراليا الغربية، أوضح أن حليب الأم يعكس ما تعرضت له الأم من عوامل بيئية سابقة وحالية. هذا الحليب لا يحمي الرضيع من الجراثيم والمواد المسببة للحساسية فحسب، بل يساهم أيضًا في إعداد الجهاز المناعي الناشئ للطفل ليكون قادراً على مواجهة التحديات الصحية المستقبلية بشكل فعال.
وتتناول الدراسة الأولى مسألة التغذية من منظور الطفل الرضيع، معتبرةً حليب الأم المصدر الغذائي الطبيعي والأمثل للرضع. وتشير إلى أن هذه المادة الغذائية التي تميز الثدييات تطورت عبر العصور من إفرازات الغدد الجلدية لدى الأسلاف، والتي كانت تُستخدم لترطيب البيوض وحمايتها من خلال مركبات مضادة للميكروبات. ويضيف البروفيسور فيرهاسيلت: “لقد تطور حليب الأم ليصبح أداة فعالة لتعليم الجهاز المناعي للرضيع كيفية التفاعل مع البيئة”.
وعلى عكس الاعتقاد الشائع، يشير فيرهاسيلت إلى أن الأطفال حديثي الولادة أكثر عرضة للاستجابة الالتهابية عند تعرضهم لمسببات الحساسية. ويعمل حليب الأم، بفضل مكوناته النشطة بيولوجياً، على تقوية الحواجز المناعية على مستوى الجلد والأغشية المخاطية، فضلاً عن تشكيل ودعم ميكروبيوتا الأمعاء، مما يعزز قدرة الطفل على التعامل مع مسببات الحساسية بطريقة صحية.
أما الدراسة الثانية، فتستكشف تأثير الأجسام المضادة الموجودة في حليب الأم. حيث توصلت إلى أن هذه الأجسام المضادة، التي تعكس تعرض الأم لعوامل بيئية، تلعب دوراً محورياً في حماية الطفل من التهديدات البيئية وتوجه جهازه المناعي في التفاعل مع العالم الخارجي. يشير فيرهاسيلت إلى أن “الأجسام المضادة تغطي الأغشية المخاطية للجهازين التنفسي والهضمي للطفل، مما يسهم في حمايته ويقلل من مخاطر الالتهابات والحساسية”.
وتخلص الدراسات إلى أن فهم العلاقة الفريدة بين حليب الأم والجهاز المناعي للطفل قد يكون مفتاحاً لتطوير استراتيجيات فعالة للحماية من الأمراض. ويرى البروفيسور فيرهاسيلت أن هذه النتائج تقدم دليلاً جديداً على أهمية الرضاعة الطبيعية، إذ تُساهم في بناء جسر بين الطفل وبيئته، مما يعزز التطور الصحي ويقلل من احتمالات الإصابة بالأمراض على المدى الطويل.
مريم عزون