تأثير الضوء الأزرق على النوم والصحة: تحذيرات من الباحثين
في عصر التكنولوجيا الحديثة، أصبح النوم الجيد يمثل تحديًا متزايدًا للكثيرين. العديد من الأشخاص يجدون أنفسهم يستلقون على الأريكة أمام التلفاز أو يقضون وقتًا طويلاً في تصفح هواتفهم الذكية قبل النوم. وفي هذا السياق، أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون أمريكيون في معهد الأبحاث على النوم في ساري بكندا، ارتباط هذه العادات بأضرار صحية خطيرة.
يظهر الباحثون أن المشكلة ليست فقط في الأصوات العالية المنبعثة من التلفاز التي قد تفاجئ الأشخاص الذين يغطون في النوم، بل إن الضوء المنبعث من الأجهزة الإلكترونية يمثل خطرًا أكبر. يقول البروفيسور ديرك-جان ديك، مدير مركز الأبحاث على النوم في ساري: “يحب الكثير من الناس التعرض لضوء التلفاز أو الأجهزة الأخرى في المساء، لكن هذا الضوء والنشاط يؤثران سلبًا على إيقاعنا اليومي، والذي يُعرف أيضًا بساعتنا البيولوجية. هذه الاضطرابات تؤثر على جميع جوانب حياتنا.”
تشير الدراسات إلى أن هناك تقصيرًا كبيرًا في تقدير أهمية نمط الضوء والظلام للصحة العامة. كما وضعت النتائج التي توصل إليها الباحثون، بقيادة البروفيسور هوجو ج. غولي من جامعة هارفارد، الأرقام في مقدمة الصورة: فقد أظهرت النتائج أن التعرض للضوء الساطع قبل النوم أدى إلى تقليل مستويات الميلاتونين، وهي الهرمون الذي ينظم إيقاع النوم، حيث تم ملاحظة هذا التأثير لدى 99% من المشاركين. ونتيجة لذلك، تأخر بدء إنتاج الميلاتونين لمدة تصل إلى 90 دقيقة.
وأظهرت الأبحاث أن التعرض للضوء خلال ساعات النوم الطبيعية أدى أيضًا إلى تقليل مستويات الميلاتونين بنسبة تتجاوز 50% في 85% من الحالات، مما يشير إلى أن النوم أمام التلفاز يمكن أن يكون له تأثير مدمر على الصحة. حيث يلعب الميلاتونين دورًا حيويًا في تنظيم نمط النوم والاستيقاظ.
تقول الباحثة آن سكلدون من معهد ساري: “تظهر هذه النتائج أن التعرض المستمر للضوء الكهربائي في نهاية المساء يعطل إشارات الميلاتونين، مما يمكن أن يؤثر سلبًا على النوم، وتنظيم الحرارة، وضغط الدم، وتوازن الجلوكوز في الجسم.”
وفي توصياتهم، يشير الباحثون إلى أن العديد من الناس يفضلون قضاء وقتهم في المساء في مشاهدة برامجهم المفضلة أو تصفح وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، ينصح البروفيسور سكلدون بتخفيف الإضاءة في المنازل وتقليل سطوع شاشات الهواتف والأجهزة اللوحية. حيث أن ذلك يساعد على دعم الإيقاعات البيولوجية الطبيعية، وتحسين نوعية النوم، وتعزيز الصحة العامة. كما يُوصى بتغيير ألوان الشاشات إلى “الألوان الدافئة” بدلاً من “الألوان الباردة”.
علاوة على ذلك، يرتبط الباحثون عادات النوم بالصحة النفسية، ويتطلعون إلى أن توفر نتائجهم معلومات قيمة عن الشفاء والرفاهية للأشخاص الذين يعانون من أمراض مثل الفصام أو الخرف. ويقول البروفيسور ديك: “على الرغم من أنه يبدو بديهيًا، إلا أن النوم يعتبر عنصرًا أساسيًا لرفاهيتنا.”
في الختام، يُعتبر النوم الجيد أساسًا لصحة الجسم والعقل، مما يبرز أهمية الوعي بالعادات السلوكية والإضاءة المحيطة بنا. يتطلب الأمر تغييرًا بسيطًا في روتيننا اليومي لتحسين جودة حياتنا بشكل عام.
مالك سعدو