بيكربونات الصوديوم: معجزة أم خطر صحي خفي؟
بيكربونات الصوديوم، ذلك المكون الشائع الذي كان محصورًا في استخدامات منزلية بسيطة، أصبح مؤخرًا موضوعًا للنقاشات بعد تزايد الادعاءات حول فوائده العلاجية المحتملة. يزعم البعض أن إضافة بيكربونات الصوديوم إلى الماء يمكن أن يحسن من الأداء البدني، ويخفف من حموضة المعدة، ويزيد من مستويات الطاقة، إلى جانب العديد من الفوائد الأخرى. ومع ذلك، يحذر الخبراء من المخاطر المحتملة لهذه الممارسة، خاصة في ظل غياب أبحاث مؤكدة وشاملة.
تاريخيًا، استخدم بيكربونات الصوديوم بفضل خصائصه القلوية التي تساعد على معادلة الحموضة، وهو ما يجعله مفيدًا في علاج حموضة المعدة وبعض اضطرابات الجهاز الهضمي. تشير بعض الدراسات أيضًا إلى أن بيكربونات الصوديوم قد يسهم في تحسين الأداء أثناء التمارين البدنية المكثفة من خلال تقليل حموضة العضلات، مما يؤخر الشعور بالتعب.
إضافة إلى ذلك، تشير أبحاث أخرى إلى أن بيكربونات الصوديوم قد يبطئ من تقدم الأمراض الكلوية المزمنة. حيث أظهرت دراسة حديثة أن المرضى الذين يعانون من هذه الحالة وشربوا بيكربونات الصوديوم قد شهدوا تباطؤًا في تقدم مرضهم على مدى خمس سنوات.
ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الفوائد المحتملة، فإن استهلاك بيكربونات الصوديوم دون احتياط يمكن أن يكون محفوفًا بالمخاطر. إذ يمكن أن يؤدي تناول كميات زائدة منه إلى حدوث “القلوية الأيضية”، وهي حالة يصبح فيها مستوى الحموضة في الجسم منخفضًا جدًا، مما قد يتسبب في مضاعفات خطيرة مثل اضطرابات القلب، ومشاكل في الدورة الدموية في الدماغ، وانخفاض نسبة الأكسجين في الأنسجة.
وينصح الخبراء بضرورة استشارة الطبيب قبل إضافة بيكربونات الصوديوم إلى النظام الغذائي، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية أو أمراض الكلى، وكذلك النساء الحوامل. يمكن أن تؤدي زيادة الجرعة أيضًا إلى آثار جانبية غير مرغوب فيها مثل الإسهال والغثيان وزيادة ضغط الدم.
ورغم الخصائص القلوية العديدة لبيكربونات الصوديوم واستخداماته المتنوعة، ينبغي تناوله بحذر. وبينما تشير الأبحاث إلى بعض الفوائد، خاصة فيما يتعلق بالقدرة على التحمل البدني وإدارة الأمراض الكلوية، فإن المخاطر المرتبطة بالاستهلاك غير المراقب يجب ألا تُهمل. وكما هو الحال دائمًا، يبقى الاستشارة الطبية ضرورية لتقييم مدى ملاءمة استخدامه في السياق العلاجي.
فاطمة الزهراء عاشور