أربعة مكملات غذائية تُظهر فعالية واعدة في التخفيف من أعراض الاكتئاب: مراجعة علمية تكشف ما يصلح وما لا يصلح

في خضمّ تصاعد الاهتمام العالمي بالصحة النفسية، أضاءت مراجعة علمية جديدة على جانب مهم من الطب التكميلي: المكملات الغذائية. فبينما يلجأ كثيرون إليها بحثًا عن بدائل “طبيعية” للأدوية النفسية، لا يزال السؤال مفتوحًا: أيّ منها يستحق فعلاً الثقة؟

مراجعة شاملة نُشرت مؤخرًا على موقع Health.com أجابت جزئيًا على هذا التساؤل، بعد تحليل نتائج 209 تجربة سريرية شملت 64 نوعًا من المكملات. المفاجأة؟ فقط أربعة مكملات غذائية أظهرت دليلًا علميًا متماسكًا على فعاليتها في تخفيف أعراض الاكتئاب مقارنةً بالدواء الوهمي (placebo).

الباحثة راشيل فروست، من جامعة ليفربول جون مورز البريطانية، أوضحت أن الغاية من المراجعة لم تكن استبعاد العلاجات التقليدية، بل تقييم الخيارات المكمّلة المتاحة للمرضى الذين لا يستجيبون كليًا للأدوية أو يفضلون مداخل علاجية متعددة.

المكملات الأربعة التي برهنت فعاليتها:
1. نبتة المِليبرتوِي (Millepertuis)
واحدة من أكثر المكملات الطبيعية دراسةً في ما يخص اضطرابات المزاج. تشير الأدلة إلى أن لها تأثيرًا مشابهًا لبعض مضادات الاكتئاب، عبر تعزيز مستويات السيروتونين والدوبامين. لكنها ليست آمنة في كل الحالات، إذ قد تتداخل مع أدوية أساسية مثل موانع الحمل ومضادات التجلط.
2. الزعفران
التوابل الذهبية، المعروفة منذ القدم بخصائصها المزاجية، أثبتت فعالية لافتة في تخفيف الاكتئاب الخفيف إلى المتوسط. يُعتقد أن تأثيرها مرتبط بقدرتها على التأثير في النواقل العصبية، لكن الجرعات المستخدمة في الدراسات كانت دقيقة ومحسوبة.
3. فيتامين D
أكثر من مجرد “فيتامين الشمس”، يرتبط نقصه بشكل مباشر باضطرابات المزاج، خاصة في الدول ذات التعرض المحدود لأشعة الشمس. تعويض هذا النقص أظهر تحسنًا في المزاج لدى عدد كبير من المشاركين، لا سيما في حالات الاكتئاب الموسمي.
4. البروبيوتيك
ميكروبات نافعة موجودة في الأمعاء، لكن تأثيرها يتجاوز الجهاز الهضمي. المراجعة تؤكد أن البروبيوتيك قد يلعب دورًا في تنظيم محور الأمعاء–الدماغ، وهو ما ينعكس على الصحة النفسية. ورغم أن الأدلة لا تزال قيد التوسع، فإن النتائج الأولية مشجعة.

رغم جاذبية فكرة الاعتماد على مكملات طبيعية، تؤكد المراجعة أن فعاليتها يجب أن تُفهم في إطار تكميلي لا بديل فيه عن العلاجات المثبتة. فلا المكملات تُغني عن العلاج النفسي، ولا تحلّ مكان الأدوية في الحالات المتوسطة إلى الشديدة.

وتنبه الدراسة إلى أن بعض هذه المكملات، وعلى رأسها عشبة القديس يوحنا، قد تُسبب تفاعلات دوائية خطيرة إذا لم تُستخدم بإشراف طبي. كذلك، فإن فعالية هذه المكملات تعتمد على الجرعة، وجودة التصنيع، والانتظام في الاستخدام.

تعكس نتائج هذه المراجعة توجّهًا متزايدًا نحو العلاجات المتكاملة التي تجمع بين الطب الدوائي، والدعم النفسي، والممارسات التكميلية مثل التغذية والرياضة والمكملات المدروسة.

في عالم تسوده الضغوط النفسية، تصبح كل وسيلة مدروسة ومبنية على الدليل العلمي قيمة مضافة، لا سيما إذا وضعت ضمن خطة علاجية شاملة تُراعي خصوصية كل مريض.

فاطمة الزهراء عاشور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد