منظمة الصحة العالمية تحذّر: تباطؤ خطير في مكافحة الأمراض المزمنة واضطرابات الصحة النفسية
أطلقت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر بشأن التباطؤ المقلق في الجهود المبذولة للحدّ من الوفيات الناتجة عن الأمراض غير السارية، وعلى رأسها أمراض القلب والسرطان والسكري والأمراض التنفسية المزمنة، إلى جانب الارتفاع المتزايد في الاضطرابات النفسية.
ففي تقرير جديد بعنوان «إنقاذ الأرواح بأقل التكاليف»، أوضحت المنظمة أنّ التقدّم الذي أُحرز خلال العقد الماضي بدأ يتراجع في معظم مناطق العالم، بل إن بعض الدول تسجّل عودة للارتفاع في معدلات الوفاة المبكرة. وتشير الأرقام إلى أنّ هذه الأمراض، إلى جانب مشاكل الصحة النفسية، تتسبّب في وفاة نحو 32 مليون شخص سنوياً، أغلبهم في البلدان الفقيرة والمتوسطة الدخل.
المنظمة تؤكد أنّ الحلول موجودة وليست مكلفة. فاستثمار إضافي لا يتجاوز 3 دولارات فقط سنوياً لكل فرد يمكن أن يغيّر المعادلة، ويؤدي إلى إنقاذ أكثر من 12 مليون حياة وتجنّب 28 مليون جلطة أو أزمة قلبية بحلول عام 2030، فضلاً عن مكاسب اقتصادية تُقدّر بتريليون دولار.
وتوصي المنظمة بما تسميه «أفضل الممارسات»، وتشمل:
• فرض ضرائب أعلى على التبغ والكحول والمشروبات الغازية المحلّاة.
• حماية الأطفال من الحملات الإعلانية التي تروّج لهذه المنتجات.
• توسيع نطاق الكشف المبكر عن السرطان، خصوصاً سرطان عنق الرحم.
• تعزيز الرعاية الأولية لعلاج ارتفاع ضغط الدم والأمراض المزمنة الأخرى.
التقرير لا يكتفي بالحديث عن الطب والأرقام، بل يوجّه أصابع الاتهام إلى النفوذ الصناعي الذي يعرقل الإصلاح. فشركات التبغ والكحول والأطعمة فائقة المعالجة تمارس ضغوطاً قوية على الحكومات لإضعاف التشريعات الوقائية.
وفي هذا السياق، ترى منظمة الصحة العالمية أنّ الاجتماع رفيع المستوى للأمم المتحدة المقرر عقده في نيويورك يوم 25 سبتمبر الجاري يشكّل لحظة سياسية مفصلية لاعتماد إعلان دولي طموح يعيد إطلاق المعركة ضد الأمراض المزمنة والاضطرابات النفسية.
الرسالة واضحة: كل تأخير يعني مزيداً من الأرواح المهدورة ومزيداً من الأعباء على الاقتصادات الهشّة. وإذا كان بالإمكان إنقاذ ملايين البشر بتكلفة زهيدة، فإنّ العائق الحقيقي لا يكمن في غياب الحلول، بل في غياب الإرادة السياسية.
مريم عزون