دراسة أسترالية: الوقوف لفترات طويلة قد يزيد من مخاطر الدورة الدموية بدل تحسين صحة القلب
كشفت دراسة أسترالية حديثة، شملت أكثر من 83,000 مشارك، أن الوقوف لفترات طويلة لا يحسن بالضرورة صحة القلب، وقد يزيد من مخاطر بعض المشكلات المتعلقة بالدورة الدموية. وقد اكتشف الباحثون أن الوقوف لفترات طويلة لا يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتات الدماغية. بل إن قضاء وقت طويل في الجلوس أو الوقوف كان مرتبطًا بزيادة خطر الإصابة بمشاكل مثل الدوالي والدوار عند الوقوف فجأة.
لطالما كانت العبارة الشهيرة “الجلوس هو التدخين الجديد” شائعة على مدار العقد الماضي، حيث سلطت الضوء على مخاطر نمط الحياة الخامل. وقد ارتبط الجلوس لفترات طويلة بزيادة معدلات السمنة، ومرض السكري، وأمراض القلب. استجابةً لذلك، برزت المكاتب المخصصة للوقوف كحل شائع للتقليل من فترة الجلوس دون الحاجة إلى تغييرات جذرية في الروتين اليومي.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هناك أدلة قوية تدعم فوائد المكاتب المخصصة للوقوف؟
لقد استند الكثير من الحماس حول هذه المكاتب على دراسات محدودة لم تقيّم بشكل شامل التأثيرات الصحية على المدى الطويل. هذا النقص في المعلومات دفع الباحثين إلى إجراء المزيد من الأبحاث. وفي الدراسة الجديدة، قام المشاركون بارتداء أجهزة لقياس فترات الجلوس والوقوف والنشاط البدني على مدار عدة سنوات. وقدمت هذه البيانات الدقيقة نتائج أكثر موثوقية مقارنةً بالبيانات التي يتم الإبلاغ عنها ذاتيًا.
أظهرت النتائج أن الجلوس لأكثر من عشر ساعات يوميًا كان مرتبطًا بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية. إلا أن الوقوف لفترات طويلة لم يقلل هذا الخطر. بل إن الوقوف لفترات طويلة كان مرتبطًا بزيادة مخاطر الإصابة بمشاكل الدورة الدموية، مثل الدوالي.
حجم العينة الكبير واستخدام البيانات الموضوعية يعززان مصداقية هذه النتائج. ومع ذلك، فإن هذه الدراسة تعتبر دراسة رصدية، وبالتالي لا يمكن أن تثبت علاقة سببية بشكل قاطع. كما أن متوسط أعمار المشاركين كان حوالي 61 عامًا، مما قد يحد من تعميم النتائج على الفئات الأصغر سنًا.
الحركة هي الحل
تشير هذه النتائج إلى أن استبدال الجلوس بالوقوف ليس الحل المثالي. يستجيب الجسم بشكل أفضل للحركة الدورية مقارنةً بالبقاء في وضعية ثابتة، سواء كانت الجلوس أو الوقوف. إدخال فترات قصيرة من المشي، أو تمارين الإطالة الخفيفة خلال اليوم، يمكن أن يقطع فترات الخمول الطويلة ويحقق فوائد صحية كبيرة.
تعتبر التدخلات التي تشجع على الحركة في مكان العمل واعدة. أظهرت الأبحاث أن الموظفين الذين يقللون من وقت الجلوس عن طريق إدخال فترات من الوقوف والنشاط البدني الخفيف شهدوا تحسنًا في مستويات السكر في الدم وغيرها من مؤشرات الصحة. وقد أثبتت دراسة أخرى أن التناوب بين الجلوس والوقوف، بالإضافة إلى فترات قصيرة من المشي، كان أكثر فعالية من الوقوف وحده.
المكاتب القابلة للتعديل بين الجلوس والوقوف، والتي تسهل تغيير الوضعية، تقدم حلاً مشجعًا. فهي تعزز تغيير الوضعية بشكل متكرر، ويمكن أن تقلل من الانزعاج الناتج عن البقاء في وضعيات ثابتة لفترات طويلة. بعض النماذج تأتي مزودة بتذكيرات منتظمة تشجع على الحركة، مما يدمج النشاط البدني في يوم العمل.
إضافة المزيد من الحركة إلى حياتنا اليومية ليس بالأمر المعقد. خطوات بسيطة مثل استخدام السلالم بدلاً من المصعد، أو السير إلى زميل بدلاً من إرسال بريد إلكتروني، أو الوقوف أثناء المكالمات الهاتفية، يمكن أن تساهم في تعزيز النشاط. حتى ضبط منبه للتذكير بالحركة كل 30 دقيقة يمكن أن يساعد في كسر فترات الجلوس أو الوقوف الطويلة.
في النهاية، بينما توفر المكاتب المخصصة للوقوف بديلاً للجلوس لفترات طويلة، لا ينبغي اعتبارها حلاً شاملاً. تبني نمط حياة أكثر نشاطًا، سواء في العمل أو خارجه، هو الذي من المرجح أن يحقق أكبر الفوائد الصحية.
فاطمة الزهراء عاشور