الصحة النفسية في ظل وباء الكورونا
لم يكن خبر فرض الحجر المنزلي جراء الانتشار الواسع لفيروس كورونا المستجد كوفيد-19، خبرا سهل الوقع. على نفوس معظم الناس في كل انحاء العالم. لقد اصيب الجميع بحاله غير مسبوقه من الترقب والهلع ،خاصه مع انعكاس اثار الحجر على الحياة العامة والخاصة، حيث توقفت كل المرافق الحيوية عن النشاط : الاقتصادية (معامل ،شركات، محلات ) والعلمية (جامعات ،مدارس، ومراكز بحث(، والغيت رحلات الطيران، واغلقت الحدود بين الدول وحتى بين المدن ، والغيت الانشطة الرياضية والثقافية، واغلقت دور العبادة، وفرض ما يسمى بالتباعد الاجتماعي على الافراد. فافترق الاهل والاقرباء والاحباء عن بعضهم.ولم يبقى من وسيلة للتواصل، سوى وسائل التواصل الاجتماعي، التي بدورها زرعت الخوف وسط مرتاديها،بالنظر للمعلومات الغير مؤكدة الكثيرة والمتضاربة، حول عدد المصابين وعدد الموتى، والتعليمات الصارمة التي تروج لها بخصوص طبيعة الفيروس وطرق انتشاره، وطرق الوقاية منه ومدى خطورته، واستحالة السيطرة عليه على المدى القصير نظرا للوقت الدي يستغرقه انتاج لقاح. ناهيك عن الاخبار التي تخص اثر انتشار الفيروس على الامن والاقتصاد العالمي، وانعكاسه على القدرة الشرائية للاسر خاصة منها الفقيرة .
كل ذلك ادى الى حالة من الدعر والارتباك اثرت سلبا على الصحة النفسية للكبار والصغار، وبالتالي على صحتهم الجسمية.(تؤثر الحالة النفسية على الاداء المناعي للجسم)ومن اهم الاضطرابات النفسية الناتجة عن التعرض لكل الضغوط السابقة الذكر: قلق الامراض، الوسواس القهري، الاكتئاب، اضطرابات الشخصية.
1/قلق الامراض( تعريفه، اشكال اضطراباته، كيفية حدوثه ، علاجه)
قلق الامراض: هو احد الاضطرابات النفسيه الشائعة. وهو يصنف ضمن اضطرابات القلق التي تتسم بالقلق والخوف، واهم ما يميز قلق الامراض هو الخوف والقلق المبالغ فيه من وجود الفيروس، و الاصابة بالمرض وبطبيعة الحال فله انعكاسات سلبية نفسية وجسمية واجتماعية ووظيفية. و من اهم اعراضه*
– أن تتسلط على المريض فكرة انه ربما يعاني من المرض او انه عرضة للاصابة به
– عند وجود ما قد يكون مثيرا للتفكير كوجود اعراض تشبه اعراض الاصابة بالفيروس الذي يخاف منه، او وجود الاستعداد للاصابة به، فان القلق او التفكير الناشئ من ذلك لا يتناسب مع المعطيات الطبية الحقيقية ما يؤثر على صحة المريض ويحدث تغير في وظائفه الجسمية ما يجعله يتفحص نفسه ،ويبحث عن علامات المرض فيقيس ضغطه او نبضه او حرارته عده مرات في اليوم.
اشكال اضطراب قلق الامراض:
ينقسم المرضى من حيث سلوكهم تجاه المرض الى صنفان رئيسيان:
– الصنف الباحث عن الرعاية الصحية: وهذا الصنف من المرضى يكثر زيارة الاطباء والمستشفيات بسبب الاعراض التي يشكون منها او الخوف من وجود مرض ما وعادةما يخضعون للكشف والفحوصات المخبرية والاشعاعية
– الصنف المتجنب للرعاية الصحية: وهذا الصنف من المرضى يتجنب زيارة الاطباء او المستشفيات لانه يغلب عليه الخوف من لحظة المواجهة بما قد يكتشفه او يقوله الطبيب، او من التعرض للعدوى داخل المستشفى
كيف يحدث قلق الامراض :
يحدث قلق الامراض نتيجة فكرة تسيطر على عقل المريض بانه مصاب او عرضة للاصابة بمرض خطير. هذه الفكرة المقلقة تزيد من افراز السيلات العصبية ( المواد الكيميائية الطبيعية التي تجعل الخلايا العصبية تتواصل فيما بينها) مثل نورادرينالين(NA) .وافراز هذه السيالات هو المسؤول عن المزيد من اعراض الخوف التي تزيد من قلق المريض و ربما تؤكد له هذه المخاوف
علاج اضطراب قلق الامراض:
يعتمد علاج قلق الامراض غالبا على طريقتين :
– العلاج الدو ائي (مضادات الاكتئاب ،مضادات الدهان التقليديه لجروحات قليلة لمدة قصيرة)
– او العلاج النفسي غير الدوائي: الذي يهدف الى تعديل افكار المريض ،التي تتسم بالتركيز على الاعراض الجسدية وضعف القدرة على استخدام المفردات التي تعبر عن الانفعالات والمشاعر والالم النفسي ويكون العلاج النفسي عادة على شكل جلسات اسبوعية 30 الى 50 دقيقه ل لعدة اسابيع. ولاستحالة التكفل في العيادات بكل المرضى عملت الجمعيات النفسية ومراكز العلاج على استحداث خلايا سماع تساعد في التخفيف عن المرضى .
الاستاذة/ كتفي خيرة
مختصة نفسانية
استاذة باحثة تخصص أنثروبولوجيا
جامعة قسنطينة 2
* حسب معايير الدليل الاحصائي والتشخيص الخامس للجمعية الامريكية للطب النفسي.